للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا، فإن قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه: إني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل: فمن أين قلت: إن هذا نبهرج؟ قال: علما رزقت. كذلك نحن رزقنا معرفة ذلك".

وقد فهم السخاوي من كلام العلماء حول التعليل أنه أمر يهجم على القلب أو هيئة نفسانية لا تدفع، فهو يقول: "والتعليل أمر يهجم على قلوب هؤلاء لا يمكنهم رده وهيئة نفسانية لا معدل لهم عنها، ولهذا ترى الجامع بين الفقه والحديث، كابن خزيمة والإسماعيلي والبيهقي وابن عبد البر لا ينكر عليهم، بل يشاركهم ويحذو حذوهم، وربما يطالبهم الفقيه والأصولي العاري عن الحديث بالأدلة".

وأرى أن كلام السخاوي هذا - في جعل معرفة العلة هيئة نفسانية وخواطر وجدانية - لا يستفاد من مجموع كلام النقاد، ولا يشهد له هذا العلم، بل يشهد عليه، وهو مرفوض بمنطق مئات الأمثلة والشواهد التي احتوتها هذه الرسالة.

ولابن رجب في شرح العلل عبارة تنقض قوله: قال: "وقد قال أبو عبد الله بن منذة الحافظ: إنما خص الله بمعرفة هذه الأخبار نفر يسيرا من كثير ممن يدعي علم الحديث، فإما سائر من يدعي كثرة كتابه الحديث، أو متفقهه في علم الشافعي وأبي حنيفة، أو متبع لكلام الحارث المحاسبي، والجنيد، وذي النون، وأهل الخواطر فليس لهم أن يتكلموا في شيء من علم الحديث إلا من أخذه عن أهله، وأهل المعرفة به، فحينئذ يتكلم بمعرفته".

أما كلام النقاد - كابن مهدي وأبي زرعة - فإنه يحمل على أن من يجهل هذا العلم لا يمكنه الإحاطة بطرائقه ومعارفه وعناصره، وعرض الدليل

<<  <  ج: ص:  >  >>