وعدم التبرم بحياة التقشف ورقة العيش، والتطلع إلى النهوض إذا يسرت سبله، إلى غير ذلك من المؤهلات الخلقية العظيمة.
والعربى فى هذه الناحية كان فارس الحلبة، لا يبارى فى هذه الصفات التى تتطلبها الحياة المستقبلة، ولقد أثبت التاريخ ما كان عليه أعظم الدول حضارة قبل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخلاق صبغها الترف بصبغته الرخوة الناعمة، وأنس أهلها إلى الذل والعبودية بعبادة ملوكها وتقديس عظمائها، وتسلطت عليهم الأفكار والميول التى خلقها متنبئوهم وفلاسفتهم.
والمأثور من شعر الجاهلية وأخبار الأولين يفيض بصفات النبل التى كان يفخر بها العربى ويحرص عليها، لأنه يراها عنوان الشرف والكمال، ولقد شب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على خير ما يشب عليه ذو الفضل واشتهر من صغره بالصفات العالية، التى ترشحه للزعامة الكبرى، بما تقتضيه من ترفع عن الدنايا واهتمام بالمطالب العليا، ومن صدق ووفاء وأمانة وإيثار وكفاح وجلاد، وعصامية وحرية، ولقد تجاوبت أخلاقه مع أخلاق قومه وانصهرت جميعًا فى بوتقه الإسلام الحرة الخالصة، وتكون من هذه المجموعة وحدة تتحرك باسم الإسلام، وتظللها جميعا راية التحرر والنهوض.