للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كانت المصادمات الأولى التى حدثت بين النبي وبينهم إلا نوعا من العناد القائم على عدم الرضا بالفناء فى شخصية إنسان آخر حتى طلب كبيرهم أن يكون له وحى ورسالة مثل محمد -صلى الله عليه وسلم-، "وإذا جاءتهم آية قالوا: لن نؤمن لك حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله" (١)، "وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا" (٢)، كما أن العربى يمتاز بصفاء العقل وتوقد القريحة وقوة الحجاج والفصاحة والبيان والاستنتاج والاستدلال، وهى أمور لا بد فيها لمن يقومون بنشر الدين العالمى الذى يتطلب شرحا وتفسيرا وجدلا ونقاشا.

لقد كانت مفاخراتهم ومنافراتهم فيها من ضروب القوة ما لا يوجد عند غيرهم من أهل ذلك الزمان، وكانت فراستهم واضحة فى الاستدلال بالنجوم وظواهر الطبيعة، وفى القيافة ومقارنة الخصائص الإنسانية ببعضها فى الأشخاص المتعددة وإلحاق الأنساب على أساسها وعلاقة ذلك بنوع الأفراد أو فصيلة من الفصائل.

ولقد شهدت مقابلات العرب مع كبار الملوك صورا رائعة من قوة الجدل وامتلاك ناصية البيان، يصور لنا


(١) سورة الأنعام: ١٢٤
(٢) سورة النمل: ١٤

<<  <   >  >>