للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل هذا هو السر فى أن الرسل تبعث بألسنة أقوامها كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (١).

والتعبير بالتبيين فيه إشارة إلى التمكن من اللغة، لأن التبيين شرح وتوضيح ولا تفيد فيه شذرات لغوية أو عبارات مبهمة غير واضحة، بل ولا أساليب غير قوية. وقد رأيت فيما سبق أن رسل النبي بالكتب إلى الملوك كانوا على علم، ولو إلى حد ما، بلغات البلاد التى أوفدوا إليها، وكانت مهمتهم بسيطة لا تكاد تعدو الدعوة العامة إلى الإيمان، ولكن الذين كانوا يقيمون ليعلموا الناس كان لا بد فيهم من إجادة لغتهم. وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- زيد بن ثابت أن يتعلم لسان اليهود لمعرفة كتبهم الواردة منهم، وللاتصال بهم اتصالا صحيحا مطمئنا. وكان أبو جمرة يترجم بالفارسية بين ابن عباس وبين وفد عبد القيس كما رواه مسلم (٢).

وكتب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض القبائل كانت تراعى فيها لهجاتهم وألفاظهم التى يتفاهمون بها، وكان رده على وفودهم مناسبا للغة التى تحدثوا بها،


(١) سورة إبراهيم: ٤
(٢) ج ١ ص ١٨٦

<<  <   >  >>