فهداية رجل كبير تهدى مئات وألوفا من الأتباع، والجهد فى مثل هذه الحالات جهد مثمر.
وكان من حيل المستعمرين فى حمل الشعب على مذهب أو سلوك معين أن يولوا أعوانهم المناصب الكبيرة حتى يقلدهم الأتباع والمرءوسون ويستجيبوا لتوجيهاتهم، إما عن عقيدة، وإما لمجرد المتابعة التى قد تتطور بمرور الزمن إلى اعتقاد.
٥ - ومن الحكمة أن يكسب الداعى صداقة الكثيرين ممن تظن منهم المعارضة له أو عدم تيسير مهمته، وأن يتفطن لمنافذ الشر التى تقف فى طريق دعوته فيسدها أو يتجنبها بطريقة سليمة لا تثير فتنة، فالدعوة حرب، والحرب خدعة لا بد فيها من التحاليل البريء لشق الطريق بأمان.
وهذه مداراة لا بأس بها، ولنا فى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى شأن عيينة بن حصن الفزارى حين رآه مقبلا عليه "بئس أخو العشيرة" فلما جلس الرجل تطلق النبي فى وجهه وانبسط إليه، ولما سألته عائشة عن سر هذا المسلك قال:"متى عهدتنى فاشا، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره"(١).