الدعوة فى أقوامها، فوفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من ستين وفدا، كان أكثرهم فى السنة التاسعة التى سميت سنة الوفود وقد تمثلت فيها جميع قبائل العرب فى منازلها ومضاربها المختلفة كما حققه العلماء، وكان فى بعض الوفود نصارى لم يسلموا، كنصارى نجران الذين استقبلهم النبي فى مسجده وأذن لهم أن يصلوا فيه صلاتهم، وعقد معهم معاهدة بقوا فيها على دينهم فى مقابل تعهدات تدل على حسن نيتهم نحو الدعوة بتركها حرة تشق طريقها فى أمان إلى المتعطشين إليها، لا يعترضونها ولا يعينون على المسلمين، ولا يسيئون إليهم أية إساءة.
وبهذا يكون الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أبرأ ذمته وبلغ الرسالة تبليغا رسميا عاما، ولم يشأ أن يترك الدنيا قبل أن يؤكد التبليغ فى شكل جماعى ومؤتمر عام، يشهد فيه الناس أنه بلغ، ويشهد ربه على ذلك.
لقد اجتمعت فى حجة الوداع آلاف مؤلفة، أعلن فيها خلاصة ما دعا إليه من مبادئ طواك الثلاثة والعشرين عاما، وقال فى النهاية:"فاعقلوا أيها الناس قولى، فإنى قد بلغت" وفى رواية "وأنتم تسألون عنى، فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بأصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء،