محامد حضارتنا فى العلم والفن والصناعة، مع أننا نزعم اليوم أن لنا حق السيطرة على تلك الشعوب العريقة فى الفضائل، وحسبها أنها مثال الكمال البشرى مدة ثمانية قرون، بينما كنا يومئذ مثال الهمجية، وإنه لكذب وافتراء ما ندعيه من أن الزمان قد اختلف، وأنهم صاروا يمثلون اليوم ما كنا نمثله نحن فيما مضى.
وأخيرا أقول لك أيها القاريء: إن الإسلام لم يقف عند هذا الحد، بل تخطى العالم القديم إلى العالم الجديد، ويحكى التاريخ أن جماعة من المسلمين رغبوا فى نشر الإسلام وراء البحار، أطلق عليهم اسم المغرورين لجرأتهم. وإقدامهم على هذا الأمر الخطر، وكأنه كان يرن فى أذنهم قول عقبة فاتح شمالى أفريقية حين نزل البحر بفرسه وأقسم أنه لو يعلم أن هناك أرضا وراء هذا البحر لخاضه حتى يصل إليها لينشر دين الله. كان هؤلاء ثمانية أقلعوا، من لشبونة فى القرن إلعاشر أو الحادى عشر، الميلادى، وساروا نحو الغرب حوالى أحد عشر يوما ثم عادوا يحملون أخبار عالم جديد لم يعرفوه من قبل، وهو، وإن لم يكن على التحقيق أمريكا، فهو جزر كانت مجهولة.