ذكر الشيخ محمد عبده: أن غير المسلمين كانوا إذا فتحوا بلدا عينوا دعاة لنشر دينهم بكل ما أوتوا من قوة، ولم يقع ذلك لفاتح من المسلمين. بل كانوا يكتفون بمخالطة من عداهم ومحاسنتهم فى المعاملة، فيغريهم ذلك على الإسلام، وأن الإسلام كان يعد مجاملة المغلوبين فضلا وإحسانا، عندما كان يعدها الأوربيون ضعة وضعفا، وبلغ أمر المسلمين فيما بعد أنهم لم يقبلوا إسلام راغب فى الدين إلا بين يدى قاض شرعى يقر أمامه أنه أسلم بلا إكراه. ووصل الأمر فى عهد بعض الخلفاء الأمويين أن كره عمالهم دخول الناس فى دين الإسلام لما رأوا أنه ينقص من مبالغ الجزية وكان فى حال أولئك العمال صد عن سبيل الدين لا محالة، ولذلك أمر عمر بن عبد العزيز بتعزيز مثل أولئك العمال، وقد أثر عنه أنه قال له: ما بعث محمد جابيا ولكن بعث هاديا (١).
على أن الإسلام إذا كان يفرض فرضا على الناس فكيف اعتنقه المغول والتتار وهم فى أتم قوة وأعظم بطش، وقد جاءوا للقضاء على الإسلام فانقلبوا مسلمين.