ولو كان انتشار الإسلام بالقهر فكيف يفسر انتشاره بسرعة فى أيام الضعف السياسى والعسكرى للدولة الإسلامية؛ لقد كان أثر الرحالة، والتجار والطرق الصوفية بالغا مبلغا عظيما فى نشر الإسلام فى أفريقيا وآسيا بالطريق السلمى، دون إغراء أو تهديد.
ولو نظرنا إلى خريطة العالم الإسلامى اليوم لرأينا أن البلاد التى قلت فيها حروب الإسلام هى التى يقيم فيها أكثر مسلمى العالم، وهى بلاد إندونيسيا والهند والصين وسواحل. القارة الإفريقية وسهول الصحراء الواسعة، فإن عدد المسلمين، فيها يقرب من ثلثمائة مليون، ولم يقع فيها من الحروب بين المسلمين وأبناء تلك البلاد إلا القليل الذى لا يجدى فى تحويل الآلاف عن دينهم، فى الوقت الذى فيه البلاد التى كانت مسرح الفتح الإسلامى، وهى العراق والشام لا يزيد عدد المسلمين فيها على عشرة ملايين، يعيش بينهم من اختاروا البقاء على دينهم من المسيحيين واليهود والوثنيين وغيرهم (١).
وقد قرر العلماء أن الحروب التى أرغم النبي وأصحابه على خوض غمارها كانت لغرضين ليس منهما الإكراه على الدين: