للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس جميعاً أصل واحد، ونفس واحدة، وهذا أدعى للتواصل، والترابط، والتلاقي، والتعاون كما قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (١). نعم يتمايز الخلق، ولكن تميزهم عن بعضهم ليس مبنياً على أجناسهم، وألوانهم، وطبقاتهم، وإنما تقواهم لله، وقيامهم بأمره، واجتنابهم لنواهيه.

* وتتفاوت المجتمعات كذلك في مشاعر الولاء والعداء، وهنا نجد ولاء المجتمع المسلم للإسلام وأهله، كما أن عداءه لأعداء الإسلام ومحاربيه، وهذا مبنى على فكرة الولاء لله ورسوله، ومن اتخذ الله ولياً فقد اتخذ عدوه عدواً. قال تبارك وتعالى {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (٢). وقال سبحانه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} (٣).

* والمجتمع الإسلامي يتميز بما يسوده من عاطفة الإخاء الوثيق والحب العميق بين أبنائه، قال سبحانه {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (٤) مهما تناءت بهم الديار، وتفرقت بهم الأوطان، واختلفت منهم الأجناس والألوان وتفاوتت بينهم المراكز والطبقات. قال تعالى {وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (٥) ... فامتن الله سبحانه على المسلمين بنعمة الإخاء كما امتن عليهم بنعمة الإيمان، وقال يخاطب رسوله عليه الصلاة والسلام {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٦). " لقد كان مسجد


(١) - سورة الحجرات. آية: ١٣
(٢) - سورة المائدة. آية: ٥
(٣) - سورة الممتحنة. آية: ١
(٤) - سورة الحجرات. آية: ١٠
(٥) - سورة آل عمران. آية: ١٠٣
(٦) - سورة الأنفال. آية: ٦٢ - ٦٣

<<  <   >  >>