للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن منطلقات الحوار في القرآن التعهد والالتزام باتباع الحق: هذا ولا يكفي مجرد

التسليم الجدلي بإمكانية صواب الخصم، بل لا بد من التعهد والالتزام باتباع الحق إن ظهر على يديه، حتى ولو كان التعهد باتباع ما هو باطل أو خرافة إذا افتُرِض أنه ثبت وتبين أنه حق: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} (١).

ومن منطلقات الحوار في القرآن تحديد المرجعية: وهي الجهة التي يسلم لحكمها المتحاورون عند الاختلاف والنزاع، وهي أمر لابد منه لكي يتوفر الحزم والحسم في الاختلاف، وكي ينضبط الحوار ويتحدد مساره. قال سبحانه {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} (٢)، وقال سبحانه ... {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (٣).

الحوار مع المشركين نموذجاً:

- وصف القرآن حالة المشركين النفسية تجاه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان موقفهم انفعالياً فجعلوا يردون بالتُّهَمِ والتعجب؛ ليريحوا أنفسهم من عناء التفكير فيما جاهم به صلى الله عليه وسلم {بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ} (٤).

- فقابلهم الرسول بكل هدوء، وطلب منهم إبداء الدليل على ما هم عليه من شرك {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٥).


(١) - سورة الزخرف. آية: ٨١.
(٢) - سورة الشورى. آية: ١٠.
(٣) - سورة النساء. آية: ٥.
(٤) - سورة الأنبياء. آية: ٥.
(٥) - سورة الأحقاف. آية: ٤.

<<  <   >  >>