للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفريقين {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} سورة الشورى، الآية: ٧.

قال الحكيم بن نوح بعض إخوانه: اتكأ مالك بن دينار ليلة من أول الليل إلى آخره لم يسجد فيها ولم يركع فيها، ونحن معه في البحر، فلما أصبحنا قلت له: يا مالك، لقد طالت ليلتك لا مصليًا ولا داعيًا، قال: فبكى، ثم قال: لو يعلم الخلائق ماذا يستقبلون غدًا ما لذوا بعيش أبدًا، إني -والله- لما رأيت الليل وهوله وشدة سواده، ذكرت به الموقف وشدة الأمر هنالك، وكل امريء يومئذٍ تهمُّه نفسه، لا يغني والد عن ولد ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئًا، ثم شهق شهقة فلم يزل يضطرب ما شاء الله، ثم هدأ، فحمل عليَّ أصحابنا في المركب، وقالوا: أنت تعلم أنه لا يحمل الذِّكر فلم تهيجه؟ قال: فكنت بعد ذلك لا أكاد أذكر له شيئًا (١).

إنه التذكر الدائم والوجل المستمر من ساعة الاحتضار وما بعدها والاستعداد لها بالعمل الصالح والتوبة النصوح .. إنه استعداد الأخيار ومبادرة الصالحين.

ونحن في هذا الزمان نضيع أعمارنا وننفق أوقاتنا فيما لا طائل من ورائه .. ولا فائدة من بعده بل إننا فرحون مستبشرون بذلك .. أرأيت كيف يضيع يومك وتنفق عمرك؟ !

أما الحسن فحين مر برجل يضحك، سأله: يابن أخي .. هل


(١) حلية الأولياء (١/ ١٨).

<<  <   >  >>