للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه" (١).

فإذا كان كذلك فالنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب: أن يغسله سبعًا، أولاهن بالتراب" (٢)، وفي الحديث الآخر: "إذا ولغ الكلب" (٣)، فأحاديثه كلها ليس فيها إلا ذكر الولوغ، لم يذكر سائر الأجزاء، فتنجيسها إنما هو بالقياس.

فإذا قيل: إن البول أعظم من الريق، كان هذا متجهًا، وأما إلحاق الشعر بالريق، فلا يسوغ؛ لأن الريق متحلل من باطن الكلب بخلاف الشعر، فإنه نابت على ظهره؛ والفقهاء كلهم يفرقون بين هذا وهذا، فإن جمهورهم يقول: إن شعر الميتة طاهر، بخلاف ريقها، والشافعي وأكثرهم يقولون: إن الزرع النابت في الأرض النجسة طاهر.

فغاية شعر الكلب أن يكون [نابتًا] (٤) في منبت نجس، كالزرع النابت في الأرض النجسة، فإذا كان الزرع طاهرًا، فالشعر أولى بالطهارة؛ لأن الزرع فيه رطوبة ولين يظهر فيه أثر النجاسة، بخلاف الشعر، فإن فيه من اليبوسة والجمود ما يمنع ظهور ذلك.


(١) حسن لغيره: وقد توسعت في تخريجه، وذكر شواهده؛ في تخريجي على كتاب "السنة" لمحمد بن نصر المروزي (ص ٢٤٦) (ط. دار الآثار)؛ فليرجع إليه هناك من شاء.
(٢) أخرجه مسلم (٢٧٩) عن حديث أبي هريرة.
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٩) من حديث أبي هريرة (مكررًا)، وجاء من حديث عبد الله بن المغفل عند مسلم (٢٨٠).
(٤) في (خ): [ممدًّا].

<<  <   >  >>