وعمدة القائلين بجواز التوضئ بسؤر البغل والحمار هو حديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيتوضأ بما أفضلت الحمر؟ فقال: نعم، وبما أفضلت السباع كلها. والحديث أخرجه كل من: الشافعي في "الأم" (١/ ٦)، ومن طريقه: البيهقي في "الكبرى" (١/ ٢٤٩) عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن حصين عن أبيه عن جابر به، وأخرجه الدارقطني في "سننه" (١/ ٦٢)، وابن عدي في "الكامل" (جزء التراجم الساقطة ص ٩٨، ٩٩) من طريق إبراهيم به، وإبراهيم كذبه مالك وابن معين، وقال الدارقطني: متروك، لكن تابعه: إبراهيم بن إسمعيل بن أبي حبيبة، أخرجه الشافعي في "الأم" (١/ ٦)، ومن طريقه: البيهقي، في "الكبرى" (١/ ٢٥٠)، وفي بيان من أخطأ على الشافعي (ص ١٣٢)، وابن الجوزي في "التحقيق" (١/ ٦٧) عن سعيد بن سالم عن إبراهيم به. وابن أبي حبيبة: ضعفه النسائي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: عنده مناكير. وفي "خلاصه البدر المنير" (١/ ١٣): "قال البيهقي في المعرفة: أنه إذا ضم أسانيده بعضها إلى بعض أحدثت قوة، قال: وفي معناه حديث أبي قتادة وإسناده صحيح، والاعتماد عليه -يعني: حديث أنها من الطوافين عليكم-". أهـ. قلت: وفيما قاله البيهقي نظر، فإن من شروط التقوية عدم وجود جرح شديد في الراوي كي يصلح في المتابعة، وهذا غير متوفر في هذا الحديث، وأيضًا حديث أبي قتادة لا يصلح كشاهد له لاختلاف مضمونه، لكن يستأنس به في إثبات الحكم. لكن وقفت له على شواهد أخرى: الأول: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٣١) بإسناد حسن عن عكرمة قال: مر رسول الله بغدير، فقالوا: يا رسول الله إن الكلاب تلغ فيه والسباع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: للسبع ما أخذ في بطنه، وللكلب ما أخذ في بطنه فاشربوا، وهذا مرسل.