للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦]، فالتطهير في كتاب الله تعالى هو الاغتسال.

وأما قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: ٢٢٢]، فهذا يدخل فيه المتوضئ والمغتسل والمستنجي، لكن التطهر المقرون بالحيض كالتطهر المقرون بالجنابة، المراد به الاغتسال.

وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول: إذا اغتسلت، أو مضى


"الحق مع أهل الظاهر هنا؛ لأن التطهر في آية الحيض مقابل للأذى الذي من أجله منع الله إتيان الحائض، فإذا زال هذا الأذى فقد عادت المرأة إلى الطهر الذي هو نقاء فرجها، ونظافته من هذا الأذى، بدليل أن الرجل يأتي امرأته وإن كانا جنبًا، ولا يمنع من إتيانها بحدث أكبر ولا أصغر، والطهر الذي هو الغسل: إنما هو للصلاة لله وحده، لا لإتيان الرجل امرأته، ولا لخروجها من العدة، والله أعلم". أهـ.
وانظر كلام ابن حزم في "المحلى" (١/ ٣٩٢)، و (٩/ ٢٣٨ إلى ٢٤١) حيث انتصر أيما انتصار لقول الظاهرية؛ وكان مما قال في (٩/ ٢٣٩): "وذهب قومٌ إلى مثل قولنا: كما روينا من طريق عبد الرزاق نا ابن جريج ومعمر قال ابن جريج عن عطاء وقال معمر عن قتادة -ثم اتفق عطاء وقتادة فقالا جميعًا- في الحائض إذا رأت الطهر، فإنها تغسل فرجها ويصيبها زوجها". أهـ.
قلت: وهذا خلاف ما رواه ابن المنذر عن عطاء، ولم أجد هذه الرواية عن عطاء في المصنف، إنما وقفت على رواية قتادة بمفرده وهي في (١/ ٣٣٥) من المصنف.
قلت: وكلام ابن حزم له وجه قوي، إلا أن الخروج عن اتفاق أهل العلم الذي ذكره ابن المنذر في الأوسط أمر صعب، هذا بجانب قوة قولهم أيضًا.

<<  <   >  >>