للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المضاربة، فإن حصل شيء اشتركا فيه، وإن لم يحصل اشتركا في الحرمان، وكان ذهاب نفع مال هذا في مقابلة ذهاب نفع بدن هذا، ولهذا لم يجز أن يشترط لأحدهما شيء مقدر من [النماء] (١)، لا في المضاربة ولا في المساقاة ولا في المزارعة؛ لأن ذلك مخالف للعدل، اذ قد يحصل لأحدهما شيء والآخر لا يحصل له شيء، وهذا هو الذى نهى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى الأحاديث التى رُوي فيها: أنه نهى عن المخابرة (٢)، أو عن كرى الأرض أو عن المزارعة كحديث رافع بن خديج (٣) وغيره؛ فإن ذلك قد جاء مفسرًا، فإنهم


(١) في (خ) [الإنماء].
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٨١)، ومسلم (١٥٣٦) من حديث جابر.
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٣٢)، ومسلم (١٥٤٧).
قال المصنف -رحمه الله- كما في "مجموع الفتاوى" (٢٩/ ١١٧): "والخبير هو الفلاح: سمي بذلك لأنه يُخبِر الأرض.
وقد ذهب طائفة من الفقهاء إلى الفرقِ بين المخابرة والمزارعة، فقالوا: المخابرة: هي المعاملة على أن يكون البذر من العامل، والمزارعة: على أن يكون البذر من المالك. قالوا: والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المخابرة لا المزارعة.
وهذا أيضًا ضعيف، فإنا قد ذكرنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فى الصحيح من أنه: نهى عن المزارعة، كما نهى عن المخابرة، وكما نهى عن كراء الأرض، وهذه الألفاظ في أصل اللغة عامة لموضع نهيه وغير موضع نهيه، وإنما اختصت بما يفعلونه؛ لأجل التخصيص العرفي لفظًا وفعلًا ولأجل القرينة اللفظية وهي لام العهد وسؤال السائل، وإلا فقد نقل أهل اللغة: أن المخابرة هي المزارعة والاشتقاق يدل على ذلك". أهـ وانظر أيضًا: (٣٠/ ١١٧، ٢٢٨، ٣٢٤).

<<  <   >  >>