يجمع اختياراته وترجيحاته ليكون عمدة في الإفتاء. فقال لي ما معناه:
الفروع أمرها قريب، فإذا قلد المسلم فيها أحد العلماء المقلدين جاز له العمل بقوله، ما لم يتيقن خطأه، وأما الأصول فإني رأيت أهل البدع والضلالات والأهواء كالمتفلسفة والباطنية والملاحدة، والقائلين بوحدة الوجود، والدهرية، والقدرية، والنصيرية، والجهمية، والحلولية، والمعطلة، والمجسمة، والمشبهة، والراوندية والكلابية، والسلمية وغيرهم من أهل البدع قد تجاذبوا فيها بأزمة الضلال، وبأن لي أن كثيرًا منهم إنما قصد إبطال الشريعة المقدسة المحمدية، الظاهرة على كل دين، العلية، وأن جمهورهم أوقع الناس في التشكيك في أصول دينهم. ولهذا قل أن سمعت أو رأيت معرضًا عن الكتاب والسنة، مقبلًا على مقولاتهم إلا وقد تزندق أو صار على غير يقين في دينه أو اعتقاده. فلما رأيت الأمر على ذلك بأن لي أنه يجب على كل من يقدر على دفع شبههم وأباطيلهم وقطع حججهم وأضاليلهم أن يبذل جهده؛ ليكشف رذائلهم، وزيف دلائلهم، ذبًا عن الملة الحنيفية، والسنة الصحيحة الجلية. ولا والله ما رأيت فيهم أحدًا ممن صنف في هذا الشأن، وادعى علو المقام، إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد دين الإسلام. وسبب ذلك إعراضه عن الحق الواضح، وعن ما جاءت به الرسل الكرام عن رب العالمين، واتباعه طرق الفلسفة في الاصطلاحات التي سموها بزعمهم حكميات وعقليات، وإنما هي جهالات وضلالات، وكونه التزمها معرضًا عن غيرها أصلًا ورأسًا. فغلبتُ عليه حتى غطت على