حاله كحاله في الباطن، وقد يظن الإنسان خفاء ذلك، فيظهر، فيورث مفاسد كثيرة - ويفتح أيضًا باب التأويل.
وصار هذا كالمظلوم الذي لا يمكنه الانتصار إلا بالظلم، كالمقتص الذي لا يمكنه الاقتصاص إلا بعدوان، فإنه لا يجوز له الاقتصاص، وذلك أن نفس الخيانة محرمة الجنس، فلا يجوز استيفاء الحق بها، كما لو جرعه خمرًا، أو تلوط به أو شهد عليه بالزور، لم يكن له أن يفعل به ذلك، فإن هذا محرم الجنس، والخيانة من جنس الكذب.
فإن قيل: هذا ليس بخيانة بل هو استيفاء حق والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن خيانة من خان، وهو أن تأخذ من ماله ما لا تستحق نظيره.
قيل: هذا ضعيف؛ لوجوه:
أحدها: أن الحديث فيه: أن قومًا لا يدعون لنا شاذة ولا فاذة إلا أخذوها أفنأخذ من أموالهم بقدر ما يأخذون؟ فقال:"لا، أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" وكذلك قوله في حديث الزكاة: أفنكتم من أموالنا وبقدر ما يأخذون منا؟ فقال:"لا".
الثاني: أنه قال: "ولا تخن من خانك"، ولو أراد بالخيانة: الأخذ على طريق المقابلة لم يكن فرق بين من خانه ومن لم يخنه، وتحريم مثل هذا ظاهر، لا يحتاج إلى بيان ولا سؤال، وهو قوله:"ولا تخن من خانك"، فعلم منه أنه أراد: أنك لا تقابله على خيانته فتفعل به مثل ما فعل بك، فإذا أودع الرجل الرجل مالًا فخانه في بعضه، ثم أودع الأول نظيره ففعل به مثل ما فعل، فهذا هو المراد