قلت: وهذا تناقض، إذ معنى كلامه أن الصلاة تجوز على صعيد غير طيب، وهل هناك غير طيب نجس، وغير طيب غير نجس؟! وأما عن تحرير مذهب الحنابلة، فالمتتبع لكتبهم يجد أن جمهورهم على القول بعدم طهارة الأرض النجسة بشمس ولا ريح ولا جفاف، فلا تطهر عندهم إلا بصبِّ الماء، بل قال ابن مفلح في الفروع (١/ ٢٤٤): "ولا يَطهرُ باطن حب نُقِع في نجاسة بتكرار غسله، وتجفيفه كل مرة، وكعجين، وعنه: بلى، ومثله إناء تشرَّب نجاسة، وسكين سُقيت ماءً نجسًا، ومثله لحم". أهـ، وقال ابن رجب في قواعده (ص ٣٤٣): "والثالث: طهارة الأرض بالجفاف والشمس والريح؛ وقد توقف فيه أحمد، وذهب كثير من الأصحاب إلى عدم طهارتها بذلك، وخالفهم صاحب المحرر في "شرح الهداية"". أهـ. وقال المرداوي في "الإنصاف" (١/ ٩٨): "والذي يقتضيه أصل المذهب من أن النجاسة لا يطهرها ريحٌ ولا شمس". اهـ قلت: فليس هناك نصٌّ صريح عن أحمد في المسألة، إنما قاسه أصحابه على أصوله. وقال الصنعاني في "سبل السلام" (١/ ٢٥) في شرحه لحديث الأعرابي: "والحديث فيه دلالة على نجاسة بول الآدمي، وهو إجماع، وعلى أن الأرض إذا تنجست طهرت بالماء كسائر المتنجسات، وهل يجزئ في طهارتها غير الماء؟ قيل: تطهرها الشمس والريح، فإن تأثيرهما في إزالة النجاسة أعظم إزالةً من الماء، ولحديث: [زكاة الأرض يُبسها]، ذكره ابن أبي شيبة". اهـ قلت: حديث: "زكاة الأرض يُبسها"، أخرجه ابن أبي شيبة