للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك نكاح المعتدة، وكذلك نكاح أمة على حرّة، وكذا القادر على الحرة، وكذلك تزوج خامسة، وكذا الملاعنة للملاعن وقيل: لا حاجة إلى التنبيه على هذا فإن الكلام في المحرمات المؤبدة، وما ذكر محرمات لعارض ممكن الزوال. نعم يظهر ذلك في الملاعنة فانظر.

وقد أبعد من قال: إن تحريم الجمع بين المذكورات مأخوذ من الآية هذه لأنه حرّم الجمع بين الأختين، فيكون ما في معناه في حكمه: وهو الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وكذلك تحريم نكاح الأمة لمن يستطيع نكاح حرّة فإنه يخصص هذا العموم.

أَنْ تَبْتَغُوا في محل نصب على العلة: أي حرّم عليكم ما حرّم وأحلّ لكم ما أحلّ لأجل أن تبتغوا بِأَمْوالِكُمْ النساء اللاتي أحلهنّ الله لكم ولا تبتغوا به الحرام فيذهب «١» ، حال كونكم مُحْصِنِينَ: أي متعففين عن الزنا غَيْرَ مُسافِحِينَ أي غير زانين.

والسفاح: الزنا، وهو مأخوذ من سفح الماء: أي صبه وسيلانه. فكأنه سبحانه أمرهم بأن يطلبوا بأموالهم النساء على وجه النكاح، لا على وجه السفاح. وقيل: إن قوله: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ بدل من «ما» في قوله: ما وَراءَ ذلِكُمْ أي: وأحلّ لكم الابتغاء بأموالكم. والأوّل أولى. وأراد الله سبحانه بالأموال المذكورة ما يدفعونه في مهور الحرائر وأثمان الإماء.

فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ كلمة «٢» «ما» موصولة، والفاء في قوله: فَآتُوهُنَّ لتضمن الموصول معنى الشرط والعائد محذوف: أي فأتوهنّ أجورهنّ عليه.

وقد اختلف أهل العلم في معنى الآية، فقال الحسن ومجاهد وغيرهما: المعنى فيما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء الشرعي فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ أي مهورهنّ.

وقال الجمهور: إن المراد بهذه الآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام ويؤيد ذلك قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ


(١) جاء في المطبوع [فيذم] والتصحيح من فتح القدير [١/ ٤٤٩] .
(٢) جاء في المطبوع وفي فتح القدير [١/ ٤٤٩] بدونها.

<<  <   >  >>