الثاني: في شرائطه منها مصححة للقبول ومنها مكملة؛ أما المصححة فأربعة:
الأول: العقل، أي الكامل ولذا قد يعبر عنه بالتكليف وقد مر تفسيره وأنه لا يكمل شرعًا لا حين البلوغ وإنما اشترط لأن كل موجود فبصورته ومعناه يتحقق فالصوت والحروف لا يكون كلامًا إلا بالعقل الذي به الفهم والتفهيم بخلاف ألحان الطور والنائم فخبر الصبي وإن قارب البلوغ ليس بحجة في الشرع لاحتمال أن يعلم عدم حرمة الكذب عليه فيكذب فلا يحصل ظن صدقه ولأن الشرع لم يجعله وليًّا في أمر دنياه ففي دينه أولى، أما عدم ولاية العبد فلحق المولى لا لنقصان عقله ولأن قوله في حقه لا يقبل فكيف في حق غيره ولأن قول الفاسق أوثق وهو مردود فكيف الصبي وكذا المجنون والمعتوه.
وإجماع أهل المدينة على قبول شهادة الصبيان بعضهم على بعض في الدماء قبل تفرقهم كما يرويه مالك رحمه الله فعلى تقدير تسليمه كان لضرورة أن لا يضيع حقوق الجنايات حيث كثرت بينهم منفردين عن العدول والمشروع استثناء لا يرد نقضًا كالعرايا وشهادة خزيمة أما لتحمل في الصبي والرواية بعد البلوغ فمقبول لأن الخلل الدفع عن تحمله وقياسًا على جواز الشهادة اتفاقًا فالرواية أولى ولإجماع الصحابة على قبول رواية جماعة من أحداث ناقلي الحديث كابن عباس، وابن الزبير، وأبى الطفيل، ومحمود بن الربيع، وغيرهم. من غير فرق واستفسار، وأما إحضار الصبيان فيحتمل التبرك ولذا يحضرون من لا يضبطه وقد اصطلحوا على أن يكتبوا لتحمل الطفل حضورًا وجسدًا، ولتحمل الكبير سماعًا.
الثاني: الضبط، وهو الحفظ مع الحزم والمراد مجموع المعاني الأربعة، حق السماع بأن لا يفوت منه شيء ثم فهم تمام معناه، لإمكان أن ينقله بالمعنى بخلاف القرآن، إذ المعتبر في حقه نظمه المعجز المتعلق به أحكام مخصوصة والمقصود في السنة، معناها حتى لو بذل مجهود في حفظ لفظ السنة كان حجة ولأنه محفوظ عن التغيير لقوله تعالى:{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩] ثم حفظه باستفراغ الوسع ثم المراقبة أي الثبات عليه إلى حين الأداء فمن ازدرى نفسه ولم يرها أهلا للتبليغ فقصر في شيء منها ثم روى بتوفيق الله تعالى لا يقبل وإنما اشترط لأن طرق الإصابة لا يترجح إلا به فلا يظن بصدق الخبر دونه لاحتمال السهو.
وهو نوعان: ظاهر وباطن:
فالظاهر: ضبط معناه لغة، وهو الشرط عند الأكثر والباطن ضبطه فقهًا أي من حيث تعلق الحكم الشرعي به وهو الكامل فلاشتراط الأول لم يكن خبرًا لمغفل خلقة أو مساهلة