الثاني: قصرت رواية من لم يعرف بالفقه عن رواية من عرف به.
الثالث: العدالة وهي الاستقامة لغة ومنه طريق عدل وجابر للجادة والبينات واستقامة السيرة والدين شريعة وحاصلها هيئة راسخة في النفس لخمل على ملازمة التقوى والمروءة وترك البدعة ليستدل بذلك على رجحان صدقه.
وهي قسمان: قاصر يثبت بظاهر الإِسلام، واعتدال العقل الزاجرين عن المعاصي كما مر. وكامل ليس له حد يدرك مداه فاعتبر أدنى كماله هو ما لا يؤدى إلى الحرج وتضييع الشريعة وهو رجحان جهة الدين والعقل على الهوى والشهوة، ولماكانت هيئة خفية نصب لها علامات هي اجتناب أمور أربعة وإن ألم بمعصية لأن في اعتبار اجتناب الكل سد بابه:
١ - الكبائر: وهي تسعة برواية ابن عمر رضي الله عنهما "الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وقذف المحصنة، والزنا، والفرار من الزحف، والسحر، وأكل مال اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، والإلحاد في الحرم؛ أي: الظلم فيه لشرفه" وزاد أبو هريرة رضي الله عنه "أكل الربا" وعلى رضي الله عنه "السرقة، وشرب الخمر" وقيل: كل ما توعد الشارع عليه بخصوصه وقيل: كل ماكان مفسدته مثل مفسدة أقلها أو أكثر مفسدة دلالة الكفار إلى استئصال المسلمين أكثر من مفسدة الفرار عن الزحف ومفسدة إمساك المحصنة للزنا بها أكثر من مفسدة القذف، وقد يقال ما يدل على قلة المبالاة بالدين دلالة أدنى ما ذكره وعلى هذا كثيرة.
٢ - الإصرار على الصغائر فقد قيل لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار، ومرجعه أن يعرف بالعرف بلوغه مبلغًا ينفي الثقة.
٣ - الصغائر الخسية؛ أي الدالة على خسة النفس كسرقة لقمة، والتطفيف بحبة.
٤ - المباح الدال على ذلك كاللعب بالحمام والاجتماع مع الأرذال، والحرف الدنية مما لا يليق كالحياكة، والدباغة، والحجامة، والأكل والبول على الطريق، وذكر قاضى خان الأكل والشرب في السوق، فإن مرتكب الكل لا يجتنب الكذب غالبًا فخبر الفاسق والمستور وهو من يعلم ذاته دون صفته مردود.
قال الشافعي فخبر المجهول أولى إذ لا يعلم لذاته ولا صفته فربما لو علم ذاته علم بالفسق بخلاف من علم ولم يعرف بالفسق، قلنا قبلناه في القرن المشهود بعدالته وكذا