٤ - السبيل ليس دليل الإجماع وإن كان التجوز فيه أنسب لأنه الآية أو السنة أو القياس الراجع إليهما فيندرج تحت المشاقة والأصل الإفادة دون الإعادة وبهذا يعلم أنه ليس عين ما أتى به الرسول مع أن أصل العام أن يجرى على عمومه.
٥ - ترك اتباع سبيل المؤمنين اتباع غير سبيلهم إذ معنى السبيل ها هنا ما يختاره الإنسان لنفسه من قول أو عمل كما في هذه سبيلي ولئن سلم فالاتباع واجب بما مر فلا مخرج عنهما.
٦ - المراد سبيل كل المومنين المجتهدين في عصر وإن قل لأن إرادة الموجودين إلى يوم القيامة تفوت العمل المقصود إذ لا عمل فيه وبعد الكل لا يتخطى عن القليل بلا دليل ولما حرم على المقلد المخالفة لم يبق اعتباره ولما مر أن السابق إلى فهم المتشرعة هو المقيد بالقيدين.
٧ - المراد اتباع كل سبيلهم لأن إنكار البعض كاف في الخروج فلا يختص بالإيمان أو مناصرة الرسول عليه السلام على أن التخصيص من غير دليل لا يقبل قيل غايته الظهور وحجيته الظواهر بالإجماع إذ لولاه لوجب العمل بالأدلة المانعة من اتباع الظن ففيه مصادرة مع أنه إثبات لأصل كلي بدليل ظني.
قلنا عن الأول حجية الظواهر بإجماع غير الذي ثبت حجيته بالظواهر كما مر. وعن الثاني إنه جائز كما في القياس ومنه قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠] الآية، وصفهم بالخيرية المفسرة على طريق الاستئنًاف بالأمر بَالمعروف والنهى عن المنكر وهذه الخيرية توجب الحقية فيما أجمعوا وإلا كان ضلالا فماذا بعد الحق إلا الضلال وأيضًا لو أخطأوا لكانوا آمرين بالمنكر وناهين عن المعروف وهو خلاف المنصوص والتخصيص بالصحابة لا يناسب وروده في مقابلة أمم سائر الأنبياء ولا يلزم من عدم منافاة الضلال الخيرية في كل واحد من المسائل المجتهد فيها عدمها في الكل فقياس الكل على كل واحد يكذبه الحس والعقل والشرع والتفسير قرينة إرادة المجتهدين لأن الحكم لهم أو متلقى منهم لقوله تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ}[النحل: ٤٣] ولما لم يرد جميعهم إلى يوم القيامة أريد من في عصره ومنه قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة: ١٤٣] الآية والوساطة العدالة التي هي التوسط بين الإفراط والتفريط في الحكمة والعفة والشجاعة أو الوسط الخيار فوصفهم من يعلم السر والعلانية بها وذلك يقتضي الحكم عليهم بالرسوخ على الصراط المستقيم وذلك بكونهم معصومين عن الخطأ كبيرة كان أو صغيرة لأنها بالإصرار يكون كبيرة وجعلهم شاهدين والحكيم لا