ومن يرى التفصيل أو عدم وفوعه سمعًا بيني على كونه دليلًا ضروريا يتمسك به لضرورة الحاجة ولا ضرورة في الأصول لإمكان العمل بالكتاب أو وفي الفروع لإمكانه بالاستصحاب.
لنا في جوازه عقلا ووجوبه نقلا أولًا عدم لزوم المح لو أمر الشارع به لا بنفسه ولا لغيره.
وثانيًا: قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر: ٢] أي ردوا الشىء إلى نظيره وهو معنى القياس فيندرج لخته أو بينوا من قوله تعالى: {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}[يوسف: ٤٣] والتبين المضاف إلينا هو إعمال الرأى في المعالى المنصَوصة لإبانة حكم نظيرها وانتقلوا وجاوزوا من العبور كما من حكم الأصل إلى حكم الفرع وكل قياس مشتمل على هذه المعالى فيندرج تحت المأمورية.
قيل عليه أولًا أنه ظاهر في الاتعاظ لغلبته فيه ومنه العبرة.
ولئن سلم فظاهر في العقليات لا الشرعيات لصحة نفيه عن قائس لم يتعظ بأمور الآخرة ولترتبه على:{يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ}[الحشر: ٢] الآية وركيك أن يقال يخربون فقاسوا الذرة على البر أو ظاهر في منصوص العلة.
وثانيًا: أن الأمر يحتمل غير الوجوب ولا يقتضي التكرار ويحتمل الخطاب مع الحاضرين فقط والتجوز وظن وجوب العمل به في غاية الضعف.
قلنا: الاتعاظ معلول الاعتبار لا حقيقته ولذا صحيح اعتبر فاتعظ وصحة نفيه عن غير المتعظ مجاز من قبيل {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}[البقرة: ١٨] لاختلال أعظم مقاصده والركاكة لعدم المناسبة في خصوصه والمأمور به مطلق الاعتبار فذا كقولنا من أفطر فعليه الكفارة في جواب من سأل عن الأكل بخلاف قولنا من شر.
ثم العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب فيشمل القياس العقلي والشرعى.
ولئن سلمنا أنه حقيقة في الاتعاظ أو عبارة دق منصوص العلة فيمكن إلحاق القياس به لا بالقياس ليدور بل بالدلالة المسماة بالفحوى لا الأمر بالاتعاظ مترتبًا بالفاء أو بالسياق على هلاك قوم بسبب اغترارهم بالشوكة لنكف عن مثله ونتخلص عن جزائه إنما يوجبه إذا كان العلم بوجود السبب يوجب الحكم بوجود المسبب كليًا لوجوب كلية الكبرى وهذا معنى القياس الشرعى وهو كالتأمل في حقائق اللغة للاستعارة.
وحديث احتمال غير الوجوب والتجوز ساقط، أما التكرار فتسببه لأن كل محل للاعتبار سببه أو للكلية المذكورة.