اعلم أن لله جل وعلا انما يكلف بالأفعال الأختيارية وهى باستقراء الشرع أربعة أقسام:
الاول: الفعل الصريح كالصلاة.
الثانى: فعل اللسان وهو القول والدليل على أن القول فعل قوله تعالى: (زخرف القول غروراً ولو شاء ربك ما فعلوه) .الآية.
الثالث: الترك والتحقيق أنه فعل وهو كف النفس وصرفها عن المنهى عنه، خلافاً لمن زعم أن الترك أمر عدمى لا وجود له، والعدم عبارة عن لا شيء والدليل على أن الترك فعل الكتاب والسنة واللغة.
وأما دلالة الكتاب على أن الترك فعل ففى آيات من القرآن العظيم كقوله تعالى:" لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون "، فسمى الله جل وعلا عدم نهى الربانيين والأحبار لهم صنعاً والصنع أرخص مطلقاً من الفعل فدل على أن ترك الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فعل بدليل تسمية الله له صنعاً.
وكقوله تعالى:" كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون " فسمى عدم تناهيهم عن المنكر فعلا وهو واضح ولم أر من الأصوليين من انتبه لدلالة هذه الآيات على أن الترك فعل، وقال السبكى فى طبقاته ان قوله تعالى
:" وقال الرسول يا رب ان قومى اتخذوا هذا القرآن مهجوراً ".
يدل على أن الترك فعل، قال لان الأخذ التناول والمهجور المتروك فصار المعنى تناولوه متروكان أي فعلوا تركة هكذا قال.