للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأبو القاسم البغوي، والقاضي أبو الطيب الطبري١ والسلفي وغيرهم وإليك مسائل ذكرها العلماء في آداب المحدث لتكون نبراسا لطلاب الحديث والعلم اليوم.

"المسألة الأولى": قالوا: الأولى ألا يحدث بحضرة من هو أولى منه لسنه أو علمه أو كونه أعلى سندا أو سماعه متصلا وفي سنده هو إجازة ونحو ذلك, وقيل: يكره, ونسب لابن معين أن من فعل ذلك فهو أحمق, والصواب إطلاق أن التحديث بحضرة الأولى ليس بمكروه, ولا خلاف الأولى فقد استنبط العلماء ذلك من حديث: "إن ابني كان عسيفا -أجيرا- وأنه زنى بامرأة هذا -يعني مستأجره- فافتديت منه بمائة شاة وخادم, ثم سألت رجالا من أهل العلم فأخبروني أنه على ابني جلد مائة وتغريب عام, وعلى امرأته الرجم, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله جل ذكره؛ المائة شاة والخادم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام, واغد يا أنيس ٢ على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" , فغدا عليها فاعترفت فرجمها", رواه البخاري. فقد دل على أن الصحابة كانوا يفتون في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم, وفي بلده, وقد عقد محمد بن سعد في الطبقات بابا لذلك وأخرج بأسانيد عوف, وأبي بن كعب, ومعاذ بن جبل, وزيد بن ثابت٣, وروى البيهقي في المدخل بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال: لسعيد بن جبير: حدث. قال: أحدث وأنت شاهد؟ قال: أوليس من نعم الله عليك أن تحدث وأنا شاهد فإن أخطأت علمتك؟ ٤


١ المراجع السابق.
٢ بالتصغير وهو الجهني.
٣ فتح الباري ج١٢ ص١١٨, والتدريب ص٣٢٥.
٤ من فضائل العلماء السابقين أن الإمام المنذري كان حافظ مصر وعالمها ومفتيها, فلما قدمها الإمام عز الدين بن عبد السلام امتنع من الفتوى وقال: "كنا نفتي قبل حضوره, وأما بعد حضوره فمنصب الفتيا متعين عليه", وهكذا فليكن العلماء.

<<  <   >  >>