للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حديث وهو يمشي, فقال: "ليس هذا من توقير العلم" إلى غير ذلك مما روي عن السلف في توقير حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكرهوا أن يقوم المحدث لأحد وهو يحدث, وقالوا: إنه يكتب عليه خطيئة ... وإذا رفع أحد صوته في مجلس الحديث نهاه, هكذا كان يفعل الإمام مالك رضي الله عنه ويقول: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية١, "فمن رفع صوته عند حديثه فكأنما رفع صوته فوق صوته" وعليه أن يفتح مجلس التحديث ويختمه بالحمد والصلاة والتسليم على النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعاء يليق بالحال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن الكريم, فقد روى الحاكم في المستدرك عن أبي سعيد الخدري قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرءوا سورة.

أقول: عسى أن يكون هذا الأدب ملتزما عند افتتاح دروس العلم وعند التحدث في الإذاعات أو في النوادي والمجتمعات, ومن المؤسف أن بعض المتحدثين والمحاضرين يحرصون على بعض التقاليد المبتدعة ولا يحافظون على هذا الأدب الإسلامي الرفيع, بل إن الكثير منهم لا يبسملون, ويرضون لأنفسهم أن تكون أحاديثهم بتراء ... وعلى القارئ للحديث أن يقرأه على مهل وتؤدة مراعيا القواعد العربية والأصول في النطق ومخارج الحروف, وتمثيل المعاني بحيث يوحي إلى السامع بفهم المراد, ولا يسرع في القراءة إسراعا يمنع فهم بعضه وتدبره فقد روى البخاري في صحيحه عن عائشة قالت: "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما كان يحدث حديثا لوعده العاد لأحصاه", وفي لفظ عند مسلم "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يسرد الحديث لسردكم", وفي لفظ عند البيهقي عقبه "إنما كان حديثه فصلا تفهمه القلوب".


١ الحجرات: ٢.

<<  <   >  >>