أكثر من أن تحصى, ولا سيما شرح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني, وشرحه أيضا للعلامة العين, فإنهما أجل كتب الشروح وأوسعها وأجمعها وبشروح صحيح مسلم، وأجلها شرح النووي.
"المسألة الخامسة": إذا تأهل طالب العلم والحديث للتأليف فيه فليعتن بذلك, وليصرف جل همه للشرح وبيان المشكل ورد الشبه الواردة عليه, ولا سيما في عصرنا هذا, فقد تهجم على الأحاديث والسنن بغير علم من لا يكاد يعرف ما هو الحديث؟ وما هي السنة؟ وتحقيق الروايات ونحو ذلك, ولا نكاد نجد شيئا يثبت العلم ويدعو إلى استذكاره ومراجعة كتبه وأصوله ويقدح زند الفكر, ويشحذ الطبع ويبعث الهمم, ويبسط اللسان ويجيد البيان ويكشف المشتبه, ويوضح الملتبس. مثل التأليف وإنما يعرف ذلك من يعاني صنعة التأليف, ثم هو إلى ذلك ثواب لا ينقطع. وخلود دائم, وذكر جميل, وشذى يتضوع.
وصدق الرسول الكريم حيث قال: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم في صحيحه ورواه أبو داود والترمذي والنسائي, وصدق القائل:
يموت قوم فيحيي العلم ذكرهم ... والجهل يجعل أحياء كأموات١
وقال الإمام النووي في شرح "المهذب" بالتصنيف يطلع على حقائق العلوم ودقائقها, ويثبت معه لأنه يضطره إلى كثرة التفتيش والمطالعة, والتحقيق والمراجعة، والاطلاع على مختلف كلام الأئمة، ومتفقه وواضحه من مشكله، وصحيحه من ضعيفه, وجزله من ركيكه، وما لا اعتراض
١ في بعض النسخ: والجهل يلحق أحياء بأموات.