أو ذكر عن فلان أو في الباب عن فلان ونحو ذلك فليس ذلك في حكم التعليق الذي ذكر ولكنه يستأنس بإيرادهما له.
وأما قول مسلم في خطبة كتابه: وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نُنزل الناس منازلهم"، فهذا بالنظر إلى أن لفظه ليس جازمًا لا يقتضي حكمه بصحته، وبالنظر إلى أنه احتج به, وأورده إيراد الأصول لا إيراد الشواهد يقتضي حكمه بصحته, ومع ذلك فقد حكم الحاكم أبو عبد الله في كتابه "معرفة علوم الحديث" بصحته١, وأخرجه أبو داود في "سننه" بإسناده متفردًا به، وذكر أن الراوي له عن عائشة هو ميمون بن أبي شبيب، ولم يدركها قال الشيخ: وفيما قاله أبو داود نظر، فهو كوفي متقدم قد أدرك المغيرة ابن شعبة ومات المغيرة قبل عائشة وعند مسلم التعاصر مع إمكان التلاقي كاف في ثبوت الإدراك والاتصال" ... إلخ ما قال.
"الأحاديث المنتقدة على الصحيحين":
قد انتقد بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره أحاديث ذكرها البخاري ومسلم في صحيحهما أو أحدهما وليس معنى هذا أن هذه الأحاديث المنتقدة ضعيفة أو واهية، كلا، وإنما انتقدوها لكونها لم تبلغ الدرجة العالية التي التزمها كل واحد منهما في كتابه.
وجملة هذه الأحاديث مائتان وعشرة أحاديث اشتركا في اثنين وثلاثين منها، واختص البخاري بثمانية وسبعين حديثا، ومسلم بالباقي وهو مائة حديث، وما انتقده على البخاري وحده أو شاركه فيه مسلم قد أجاب عنه الحافظ الكبير ابن حجر في مقدمة الفتح، وما خص مسلما أجاب عنه الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم.