للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحق أن الكثير مما انتقد كان الجواب عنه سهلا مقبولا، لا يخل بصحة الحديث في نفسه والبعض -وهو قليل جدا- قد تكلف فيه المجيب عنه غاية التكلف, وهي لا تعدو بضعة أحاديث أكثرها في صحيح مسلم, وهي على قلتها لا تَفُض من قيمة الكتابين، وبلوغهما الغاية في الصحة فلا تلتفت إلى ما يهرف به بعض من لا يعرف من الزعم بأن في الصحيحين أحاديث موضوعة أو ضعيفة واهية, فهذا تخرص وكذب على الشيخين الجليلين وكتابيهما الصحيحين, ومن أراد زيادة في تحقيق الحق في هذا المقام ليرجع إلى ما كتبته في كتابي "أعلام المحدثين"١ وكتابي "دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين", فقد أفضت في أول القول في كل المباحث المتعلقة بالصحيحين، وغيرهما من كتب الأحاديث المشهورة.

"الحديث الصحيح أيفيد العلم القطعي اليقيني أم الظن؟ ":

اتفق العلماء على أن الحديث المتواتر لفظا أو معنى يفيد القطع واليقين في ثبوته، ولم يخالف في ذلك أحد من أهل العلم، ولكنهم اختلفوا في الحديث الصحيح أيفيد العلم القطعي اليقيني أم الظن؟

فذهب الكثيرون إلى أنه لا يفيد القطع، بل هو ظني الثبوت وهو الذي رجحه الإمام النووي في التقريب.

وذهب آخرون إلى أنه يفيد العلم اليقيني في ثبوته, وهو مذهب داود الظاهري والحسن بن علي الكرابيسي، والحارث بن أسد المحاسبي وحكاه ابن خويزمنداد عن مالك، وهو الذي اختاره وذهب إليه ابن حزم قال في الإحكام: "إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول


١ أعلام المحدثين من ص١٣٤-١٤١, ومن ص١٨٧-١٨٩.

<<  <   >  >>