"الثاني": اختلفوا في قول الراوي: إن١ فلانا قال: كذا، أهو مثل قوله: عن فلان, فيكون محمولا على الاتصال حتى يثبت خلافه، أم هو دون قوله عن فلان؟
فذهب البعض إلى أنهما ليسا سواء, فجعلوا "عن" تفيد الاتصال, و"أن" في حكم الانقطاع حتى يثبت خلافه.
وذهب الجمهور من العلماء إلى أنهما سواء, وأنهما يفيدان الاتصال بالشرطين المتقدمين:
١- المعاصرة مع اللقي.
٢- أن لا يكون معروفا بالتدليس.
وما ذهب إليه الجمهور هو ما ذهب إليه الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة، ويقوي ما ذهب إليه الجمهور ما حكاه ابن عبد البر من إجماع العلماء على أن الإسناد المتصل بالصحابي سواء فيه أن يقول الصحابي: قال رسول الله، أو عن رسول الله, أو إن رسول الله قال كذا مثلا، أو سمعت رسول الله يقول كذا، فكل ذلك محمول على السماع.
"الثالث": الحديث الذي رواه بعض الثقات مرسلا، ورواه بعضهم متصلا, ما حكمه؟ أهو من قبيل المتصل؟ أم من قبيل المرسل؟ خلاف بين العلماء.
منهم من قال: إن الحكم للمرسل، ومنهم من قال: الحكم للأكثر، والأحفظ، فإذا كان من أرسله أكثر أو أحفظ فالترجيح للمرسل، ولا يقدح في عدالة من وصله وأهليته، وقيل: يقدح في عدالته وأهليته.
ومنهم من قال: الحكم لمن أسنده مطلقا إذا كان عدلا فيقبل خبره، وإن خالفه غيره سواء أكان المخالف له واحدا أم جماعة، وهذا القول
١ الإسناد الذي فيه "إن فلانا قال" يسمى "المؤنن" أو "المأنأن" وأن بفتح الهمزة ويجوز كسرها.