قال: ويغاير المعلل بأن ذلك وقف على علته الدالة على جهة الوهم فيه، والشاذ لم يوقف فيه على علة كذلك، فتعريف الحاكم أخص من تعريف الخليلي١.
"نقد هذين التعريفين": وقد انتقد ابن الصلاح, وتابعه النووي هذين التعريفين بأنهما منتقضان بالأحاديث التي انفرد بروايتها العدل الضابط الحافظ, وذلك كحديث:"إنما الأعمال بالنيات ... " , فإنه تفرد به عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم، وتفرد به عن عمر علقمة بن وقاص، وتفرد به عن علقمة محمد بن إبراهيم التيمي، وتفرد به عن محمد يحيى بن سعيد الأنصاري, وحديث النهي عن بيع الولاء وهبته فقد تفرد به عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وحديث مالك عن الزهري عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دخل مكة, وعلى رأسه المغفر, تفرد به مالك عن الزهري, فكل هذه وأمثالها مخرجة في الصحيحين أو أحدهما مع أنها ليس لها إلا إسناد واحد، وقد قال الإمام مسلم: للزهري نحو تسعين حرفا يرويه ولا يشاركه فيه أحد بأسانيد جياد والمراد بالحرف الحديث.
"تعريف ابن الصلاح": قال ابن الصلاح فهذا الذي ذكرناه لك, وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي قالاه وحينئذ فالصحيح التفصيل: فإن كان الثقة بتفرده مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك كان ما انفرد به شاذا مردودا، وإن لم يخالف الراوي بتفرده غيره وإنما روى أمرًا لم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المتفرد, فإن كان عدلا حافظا موثوقا بضبطه كان تفرده صحيحا وإن لم يوثق بحفظه, ولكن لم يبعد عن درجة الضابط كان ما انفرد به حسنا، وإن بعد من ذلك كان شاذا منكرا