وهو الصحيح فالإعطاء عادة باليمين لا باليسار، ومنه حديث أخرجه الترمذي مرفوعا:"إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه", أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب، وأخرجه ابن ماجه والنسائي بدون جملة:"وليضع" ... وأخرجه الترمذي أيضا وحسنه وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم وقال: على شرط مسلم وغيرهم من حديث وائل بن حجر بلفظ: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه", ولهذا صرح ابن القيم في زاد المعاد بأن الحديث الذي فيه:"وليضع يديه قبل ركبتيه" انقلب على بعض رواته، فكان الأصل:"وليضع ركبتيه قبل يديه", فقدم بعض الرواة اليدين على الركبتين، والرواية المقلوبة يناقض أولها آخرها.
وأما القلب في الإسناد فقد يكون خطأ من بعض الرواة في اسم راو أو نسبه كأن يقول في مرة بن كعب، كعب بن مرة أو يكون حديثا مشهورا عن راو فيجعله عن راو آخر ليصير مرغوبا فيه كأن يكون الحديث مرويا عن سالم بن عبد الله, فيجعله عن نافع، أو يبدل الإسناد بإسناد آخر مثل ما روى حماد بن عمرو النصيبي -الكذاب- عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا:"إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدءوهم بالسلام ... " الحديث. فإنه مقلوب قلبه حماد فجعله عن الأعمش, وإنما هو معروف عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة, أخرجه مسلم, وهذا الصنيع هو الذي يطلق على راويه أنه يسرق الحديث إذا قصد إليه.
وكما يقع القلب قصدا من الراوي يقع غلطا, ومثاله ما روى إسحاق بن عيسى الطباع قال: حدثنا جرير بن حازم عن ثابت البناني عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:"إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني"