خزيمة إمام الأئمة، فإنه لما سئل عنها قال: هي من وضع الزنادقة، وكالبيهقي، والقاضي عياض والقاضي أبو بكر بن العربي، والإمام أبو منصور الماتوريدي، وقد بين ابن كثير في تفسيره أنها لم تأت من طريق مسند صحيح، وكلها مرسلات، ومنقطعات والذين انتصروا لها وقالوا: إن لها أصلا كالحافظ ابن حجر أولوا ما روي على أن الذي نطق هو الشيطان أثناء سكوت الرسول, فخيل إلى المشركين أن الناطق بها الرسول وهو تكلف لا داعي إليه فالحق والصواب أنها موضوعة مكذوبة١.
ومن الموضوعات قصة "هاروت وماروت", وأنهما كانا ملكين نزلا إلى الأرض فهويا امرأة تسمى "الزهرة", واقترفا معها الإثم، أما هي فمسخت الكوكب المعروف باسمها وأما هما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا، والمحققون من العلماء على أنها لا أصل لها, وإنما هي من الإسرائيليات المكذوبة ألصقت بالإسلام زورا قصد الإساءة إليه.
وكذلك ما روي في قصة يوسف عليه السلام في همه بامرأة العزيز وأنه حل تكة سراويله, وما روي في قصة داود مع أوريا, ومحاولته قتله في الحرب ليخلو له الجو فيتزوج بامرأته وما روي في فتنة سليمان من قصة الخاتم, وضياعه, وذهاب ملكه, وتسلط الشيطان على ملكه بل وعلى نسائه، حتى رد الله عليه خاتمه, فعاد له ملكه, وما روي في قصة أيوب ومرضه مرضا شديدا حتى تنكر له الناس، ورمى على كناسة بني إسرائيل تسرح الهوام والحشرات في جسمه, فكل ذلك قصص خرافة تخالفه العقول وتناقضه النقول الصحيحة.
١ قد زيفتها مما لا مزيد عليه في كتابي "السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة", ج١ ص٣٧٥-٣٨٧.