للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المختلق الموضوع أيضا ما روي في قصة السيدة زينب بنت جحش وزواج النبي بها وأن ذلك كان عن حب وهوى, وفسروا قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} ١ بأن المراد به حبها وهي قصة مكذوبة رواتها معروفون بالكذب ورواية الغرائب والمناكير، والقرآن نفسه يكذب هذا فقد بين أن السبب في تزويج الله نبيه إياها هو إبطال ما تواضع عليه الناس في الجاهلية من إنزال زوجة الابن المتبنى منزلة زوجة الابن الصلبي في التحريم, وصدق الله: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} ١.

وأيضا فزينب بنت عمة النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو الذي زوجها من زيد, وقد كان ذلك على كره منها، فلو كان يهواها -كما زعموا- لتزوجها, ولا سيما أنه لم تكن هناك أية حوائل قط بل زينب كانت تتمنى ذلك لو أراد النبي فالقصة تحمل في ثناياها دليل بطلانها، وإذا كانت القصة غير ثابتة من جهة النقل، ويستنكرها العقل، وما عرف عن النبي في تاريخه الطويل من العفة وطهارة الذيل، والترفع عن سفاسف الأمور يناقضها، فلم يبق إلا أنها من افتراءات الزنادقة، كي يشوهوا سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام٢.

ومن ذلك ما يذكره بعض المفسرين في بدء الخلق وأسرار الوجود، وتعليل بعض الظواهر الكونية كالرعد والبرق، والزلازل ونحوها مما لا يشهد له عقل ولا نقل صحيح، ويصادم الحقائق العلمية المسلمة، فكل ذلك لا أصل له في الإسلام, وإنما هو من صنع الزنادقة الخبثاء لكي يظهروا الإسلام بمظهر الدين المشتمل على ما يخالف الحقائق العلمية


١ سورة الأحزاب: ٣٧.
٢ قد زيفت كل ذلك وبينت حقيقة أمرها في كتابي "الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير" فليرجع إليه من يشاء الوقوف على الرد.

<<  <   >  >>