للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد ذلك اليوم شيئا حدثني به ... "١.

٢- هذا إلى ما امتاز به من ذاكرة قوية، وحافظة نادرة بسبب دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد سمعت ما رواه مسلم آنفا، وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة قال: "قلت يا رسول الله إني لأسمع منك حديثا أنساه فقال: "ابسط رداءك" قال: فبسطته، فغرف بيده, ثم قال: "ضمه" , فضممته فما نسيت شيئا بعد", وقد رويت هذه القصة من طرق كثيرة ذكرها الحافظ ابن حجر في الإصابة٢ وقد عد العلماء هذا من معجزاته -صلى الله عليه وسلم- وروى النسائي بسند جيد في "العلم" من كتاب "السنن", والحاكم في المستدرك أن زيد بن ثابت قال: "كنت أنا وأبو هريرة وآخر عند النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال: "ادعوا" فدعوت أنا وصاحبي، وأمن النبي -صلى الله عليه وسلم، ثم دعا أبو هريرة, فقال: اللهم إني أسألك ما سألك صاحباي وأسألك علما لا ينسى، فأمن النبي -صلى الله عليه وسلم- فقلنا: ونحن يا رسول الله، فقال: "سبقكما به الغلام الدوسي" , وقد صدقت الحوادث هذه الميزة في أبي هريرة, روي عن أبي الزعيزعة كاتب مروان قال: "أرسل مروان إلى أبي هريرة فجعل يحدثه، وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله، وأمرني أن أنظر، فما غير حرفا عن حرف" وروى البخاري في التاريخ من حديث محمد بن عمارة بن حزم "أنه قعد في مجلس فيه مشيخة من الصحابة بضعة عشر رجلا فجعل أبو هريرة يحدثهم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالحديث, فلا يعرفه بعضهم، فيراجعون فيه حتى يعرفوه ... فعل ذلك مرارا, فعرفت يومئذ أن أبا هريرة أحفظ الصحابة".

فلا تعجب إذا كان حظي بثناء الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم


١ شكك في هذا الحديث المستشرق اليهودي "جولد زيهر". انظر "دائرة المعارف الإسلامية المجلد الأول ص٤٠٧" وتابعه على إنكارها أبو رية وأمثاله.
٢ "الإصابة في تمييز الصحابة" من أجل الكتب في سير الصحابة.

<<  <   >  >>