قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة، فيحسن الثناء عليها فذكرها يوما من الأيام فأخذتني الغيرة فقلت: هل كانت إلا عجوزا قد أبدلك الله خيرا منها، فغضب، ثم قال:"والله ما أبدلني خيرا منها، آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله منها الولد دون غيرها" , وقالت عائشة: فقلت في نفسي: لا أذكرها بعدها بسبة أبدا. رواه أحمد والطبراني.
ولم يقف الأمر عند ذكرها، بل كان يحب حبيباتها، ويصلهن فكان يذبح الشاة ويقطعها ويقول: أرسلوا إلى صديقات خديجة, رواه البخاري، وكانت تستأذن عليه هالة بنت خويلد أخت خديجة فيذكره صوتها بصوت خديجة، وحديثها العذب، وأيامها الحلوة فيهش لها، وترتاح نفسه لذلك، وتشرق أسارير وجهه، وجاءته ذات يوم امرأة عجوز من صويحباتها, فأحسن لقاءها، وصار يسأل عن أحوالها وما صارت إليه, فقالت عائشة لما خرجت: تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال؟ فقال:"إنها كانت تأتينا زمان خديجة وإن حسن العهد من الإيمان" , رواه الحاكم والبيهقي في الشعب ومما كافأ النبي به خديجة -رضي الله عنها وأرضاها- في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها وهذا أمر متفق عليه، وقد عاش معها زهرة شبابه ومعظم حياته الزوجية, فقد عاش النبي بعد زواجها ثمانيا وثلاثين عاما انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما تقريبا وبذلك صان قلبها فيها من الغيرة التي هي من ملازمات النساء، ومن تكدير الضرائر لها، وهي فضيلة لم يشاركها فيها أحد غيرها من نساء النبي.
"التفضيل بين عائشة وفاطمة": وكذلك اختلفوا في التفضيل بين السيدة فاطمة والسيدة عائشة رضي الله عنها على ثلاثة أقوال: