للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روي عن سعيد بن جبير أنه كان يكون مع ابن عباس فيسمع منه الحديث فيكتبه في واسطة الرجل, فإذا نزل نسخه.

وعن عبد الرحمن بن أبي الزناد١ عن أبيه قال: "كنا نكتب الحلال والحرام, وكان ابن شهاب يكتب كل ما يسمع, فلما احتج إليه علمت أنه أعلم الناس".

وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه احترقت كتبه يوم الحرة في عهد يزيد بن معاوية وكان يقول: "لو أن عندي كتبي بأهلي ومالي" وطبعي أنه كان في هذه الكتب الكثير من الحديث والتفسير والفقه ونحوها. وروى مسلم في مقدمة صحيحه عن ابن أبي مليكة قال: "كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني فقال: ولد ناصح, أنا أختار له الأمور اختيارا, وأخفي عنه. قال: فدعا بقضاء عليٍّ فجعل يكتب منه أشياء ويمر به الشيء فيقول: والله ما قضى بهذا عليٌّ إلا أن يكون ضل"٢.

التثبت في عهد الصحابة:

وعلى سنة التثبت في الرواية التي أشار إليها القرآن, وحث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- سار الخلفاء الراشدون المهديون. روى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث. فقال: "ما أجد لك في كتاب الله شيئا, وما علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر لك شيئا", ثم سأل الناس, فقام المغيرة بن شعبة فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعطيها السدس. فقال له الصديق: "هل معك أحد" فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك فأنفذه لها أبو بكر رضي الله عنه٣.


١ هو عبد الله بن ذكوان الأموي المعروف بأبي الزناد ثقة فقيه توفي سنة ثلاثين ومائة.
٢ المراد إخفاء ما لو أظهر من الحديث لترتب عليه "قيل وقال" من النواضب والخوارج والرافضة ونحوهم ومراده بقوله: ما قضي بهذا إلا أن يكون ضل أنه لم يقض به لأنه لم يضل وهو من الأساليب البليغة في نفي الشيء.
٣ تذكرة الحفاظ للذهبي ج١ ص٤.

<<  <   >  >>