قدموا به ومستثقلين المقام فيكون أدنى من أن يرتخص المشترون سلعهم فإذا تولى أهل القرية لهم البيع ذهب هذا المعنى فلم يكن على أهل القرية في المقام شيء يثقل عليهم ثقله على أهل البادية فيرخصون لهم سلعهم ولم يكن فيهم الغرة بموضع حاجة الناس إلى ما يبيع الناس من سلعهم ولا بالأسواق فيرخصونها لهم فنهوا والله أعلم لئلا يكونوا سبباً لقطع ما يرجى من رزق المشتري من أهل البادية لما وصفت من ارتخاصه منهم فأي حاضر باع لباد فهو عاص إذا علم الحديث والبيع لازم غير مفسوخ بدلالة الحديث نفسه لأن البيع لو كان يكون مفسوخاً لم يكن في بيع الحاضر للبادي إلا الضرر على البادي من أن تحبس سلعته، ولا يجوز فيها بيع غيره حتى يلي هو أو باد مثله بيعها فيكون كمكسد لها وأحرى أن يرزق مشتريه منه بارتخاصه إياها بإكسادها بالأمر الأول من رد البيع وغرة البادي الآخر فلم يكن ههنا معنى يخاف يمتنع فيه أن يرزق بعض الناس من بعض فلم يجز فيه والله أعلم إلا ما قلت من أن بيع الحاضر للبادي جائز غير مردود والحاضر منهي عنه.
[باب تلقي السلع]
حدثنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقوا السلع".
قال الشافعي: وقد سمعت في هذا الحديث فمن تلقاها فصاحب السلعة بالخيار بعد أن يقدم السوق.
قال الشافعي: وبهذا نأخذ إن كان ثابتاً وفي هذا دليل على أن الرجل إذا تلقى السلعة فاشتراها فالبيع جائز غير أن لصاحب السلعة بعد أن يقدم السوق الخيار لأن تلقيها حين يشتري من البدوي قبل أن يصير إلى موضع المساومين من الغرر له بوجه النقص من الثمن فإذا قدم صاحب السلعة السوق فهو بالخيار بين إنفاذ البيع ورده ولا خيار للمتلقي لأنه هو الغار لا المغرور.