قال الشافعي: وبهذا كله نأخذ فنرى جائزاً للرجل والمرأة أن يتطيبا بالغالية وغيرها مما يبقى ريحه بعد الإحرام إذا كان تطيب به قبل الإحرام ونرى إذا رمى الجمرة وحلق قبل أن يفيض أن الطيب حلال له وننهى الرجل حلالاً بكل حال أن يتزعفر ونأمره إذا تزعفر غير محرم أن يغسل الزعفران عنه وكذلك نأمره إذا تزعفر قبل أن يحرم ثم أحرم وبه أثر الزعفران أن يغسل الزعفران نفسه للإحرام وإنما قلنا هذا لأن الدلالة عن رسول الله تشبه أن يكون لم يأمره بغسل الصفرة إلا أنه نهى أن يتزعفر الرجل وأن رسول الله أمر غير محرم أن يغسل الصفرة عنه ولم يأمره لكراهية الطيب للمحرم إذا كان التطيب وهو حلال لأنه تطيب حلالاً بما بقي عليه ريحه محرماً.
قال الشافعي: ونأمر المحرم إذا هو حلق أن يتطيب كما نأمره أن يلبس على معنى إن شاء إباحة له لا إيجاباً عليه ونبيح له الصيد إن خرج من الحرم.
[باب الخلاف في تطيب المحرم للإحرام]
حدثنا الربيع قال: قال الشافعي: فخالفنا بعض أهل ناحيتنا في الطيب قبل الإحرام وبعد الرمي والحلاق وقبل طواف الزيارة فقال: لا يتطيب بما يبقى ريحه عليه ولا بأس أن يدهن قبل الإحرام بما لا يبقى ريحه عليه وإن بقي لينه في رأسه ولحيته وإذهابه الشعث قال: وكان الذي ذكر واحتج به أن عمر بن الخطاب أمر معاوية وأحرم معه فوجد منه ريحاً طيباً فأمره أن يغسل الطيب وأنه قال: من رمى الجمرة وحلق فقد حل له ما حرم الله عليه إلا النساء والطيب.
قال الشافعي: وسالم بن عبد الله أفقه وأحمد مذهباً من قائل هذا القول.
أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله وربما لم يقله قال: قال عمر: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء حرم عليكم إلا النساء والطيب، قال سالم: وقالت عائشة: أنا طيبت رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم ولحله بعد أن رمى الجمرة وقبل أن يزور، قال سالم: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع.