قال الشافعي: فإذا كان هكذا فسواء ادّان الولد أو تزوج رغبة فيما أعطاه أبوه أو لم يدن أو لم يتزوج فله أن يرجع في هبته له متى شاء قال وقد حمد الله جل ثناؤه على إعطاء المال والطعام في وجوه الخير وأمر بهما فقال: "وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين" وقال: "مسكيناً ويتيماً" وقال: "ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون وادياً إلا كتب لهم" وقال: "وإن تبدوا الصدقات فنعما هي" وقال: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون" فإذا جاز هذا للأجنبيين وذوي القربى فلا أقرب من الولد وذلك أن الرجل إذا أعطى
ماله ذا قرابته غير ولده أو أجنبياً فقد منعه ولده وقطع ملكه عن نفسه فإذا كان محموداً على هذا كان محموداً أن يعطيه بعض ولده دون بعض ومنع بعضهم ما أخرج من ماله أقل من منعهم كلهم ويستحب له أن يسوي بينهم لئلا يقصر واحد منهم في بره فإن القرابة تنفس بعضها بعضاً ما لم تنفس البعادة "قال الربيع ": يريد البعداء وقد فضل أبو بكر عائشة بنخل وفضل عمر عاصم بن عمر بشيء أعطاه إياه وفضل عبد الرحمن بن عوف ولد أم كلثوم.
قال الشافعي: لو اتصل حديث طاوس أنه لا يحل لواهب أن يرجع فيما وهب إلا الوالد فيما وهب لولده لزعمت أن من وهب هبة لمن يستثيبه مثله أو لا يستثيبه وقبضت الهبة لم يكن للواهب أن يرجع في هبته وإن لم يثبه الموهوب له والله أعلم.
[باب بيع المكاتب]
حدثنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: وأخبرنا مالك عن هشام بن عروة