قبل أن يكاتبه إن شاء سيده قال: قد علمت بهذا فما الحال الثانية، قلت: أن يرضى المكاتب بالبيع والعجز من نفسه وإن لم يحل له نجم، قال: بلى فأين هذا؟ قلت: أفليس في المكاتب شرطان إلى السيد بيعه في أحدهما وهو إذا لم يوفه قال: بلى، قلت: والشرط الثاني للعبد ما أدى لأنه لم يخرج بالكتابة من ملك سيده، قال: أما الخروج من ملك سيده فلم يك بالكتابة.
قال الشافعي: قلت: وإذا لم يخرج من ملك سيده بالكتابة، هل الكتابة إلا شرط للعبد على سيده وللسيد على عبده، قال: لا، قلت: أرأيت من كان له شرط فتركه أليس ينفسخ شرطه. قال: أما من الأحرار فبلى، قلت: فلم لا يكون هذا في العبد؟ قال: العبد لو كان له مال فعفاه لم يجز له، قلت: فإن عفاه بإذن سيده قال: يجوز، قلت: أفليس قد اجتمع العبد والسيد على الرضا بترك شرطه في الكتابة؟ قال: بلى، قلت: ولو اجتمعا على أن يعتق المكاتب عبده أو يهب ماله جاز، قال: بلى، قلت: فلم لا يجوز إذا اجتمعا على إبطال الكتابة أن يبطلاها، قال وقلت له: ذهاب بريرة إلى أهلها مساومة بنفسها لعائشة، ورجوعها إلى عائشة بجواب أهلها بأن اشترطوا ولاءها ورجوعها بقبول عائشة ذلك يدل على رضاها بأن تباع ورضا الذي يكاتبها بذلك لأنها لا تشتري إلا ممن كاتبها، قال: أجل، فقلت: فقد كان في هذا ما يكفيك مما سألت عنه، قال: فإن قلت فلعلها عجزت، قلت: أفترى من استعان في كتابته معجزاً قال: لا، قلت: فحديثها يدل على أنها لم تعجز وإن كانت قد عجزت، فلم يعجزها سيدها قال: فلعل لأهلها بيعها قلت: بغير رضاها؟ قال: لعل ذلك، قلت: أفتراها راضية إذا كانت مساومة بنفسها ورسولاً لأهلها وإليهم، قال: نعم. قلت: فينبغي أن يذهب توهمك أنهم باعوها بغير رضا وتعلم أن من لقينا من المفتين إذا لم يختلفوا في أن لا يباع المكاتب قبل أن يعجز أو يرضى بالبيع لا يجهلون سنة رسول الله وأنه لو كان محتملاً معنيين كان أولاهما ما ذهب إليه عوام الفقهاء مع أنه بين في الحديث كما وصفت أن لم تبع إلا برضاها، قال: أجل.