قال الشافعي: فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول الله، واحدة يعني أنه بأمر النبي فالذي يشبه والله أعلم أن يكون ابن عباس قد علم أن كان شيئاً فنسخ، فإن قيل: فما دل على ما وصفت؟ قيل: لا يشبه أن يكون يروي عن رسول الله شيئاً ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان من النبي فيه خلافه فإن قيل فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر قيل: قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة وبيع الدينار بالدينارين وفي بيع أمهات الأولاد وغيره فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي فيه خلافه فإن قيل: فلم لم يذكره؟ قيل وقد يسأل الرجل عن الشيء فيجيب فيه ولا يتقصى فيه الجواب ويأتي على الشيء ويكون جائزاً له كما يجوز له لو قيل: أصلى الناس على عهد رسول الله إلى بيت المقدس؟ وأن يقول: نعم. وإن لم يقل ثم حولت القبلة قال: فإن قيل فقد ذكر على عهد أبي بكر وصدر من خلافة عمر قيل والله أعلم وجوابه حين استفتى يخالف ذلك كما وصفت، فإن قيل: فهل من دليل تقوم به الحجة في ترك أن تحسب الثلاث واحدة في كتاب أو سنة أو أمر أبين مما ذكرت. قيل: نعم.
حدثنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كان رجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له ون طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال: والله لا آويك إلي ولا تحلين أبداً، فأنزل الله:"الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ من كان منهم طلق أو لم يطلق وذكر بعض أهل التفسير هذا فلعل ابن عباس أجاب على أن الثلاث والواحدة سواء وإذا جعل الله عدد الطلاق على الزوج وأن يطلق متى شاء فسواء الثلاث والواحدة وأكثر من الثلاث في أن يقضي بطلاقه.
قال الشافعي: وحكم الله في الطلاق أنه مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وقوله فإن طلقها يعني والله أعلم الثلاث فلا تحل له من بعد حتى تنكح