للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشافعي رضي الله عنه: البينة في دلالة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتان، بينة كاملة بعدد الشهود لا يحلف مقيمها معها، وبينة ناقصة العدد يحلف مقيمها معها.

قال: ومن ادعى شيئاً لم يقم عليه بينة يؤخذ بها أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ وإن نكل لم يأخذ الذي ادعى منه شيئاً حتى يحلف على دعواه فيأخذ بيمينه مع نكول المدعى عليه.

قال: والحكم بالدعوى بلا بينة والإيمان مخالف له بالبينة لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس به لأنهما شيء واحد تضادا.

قال: ومن ادعى مالاً دلالة للحاكم على دعواه إلا بدعواه أحلفنا المدعى عليه كما يحلف فيما سوى الدماء وإذا كانت على دعوى المدعي دلالة تصدق دعواه كالدلالة التي كانت في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى فيها بالقسامة أحلف المدعون خمسين يميناً واستحقوا دية المقتول ولا يستحقون دماً.

قال: وكل ما وصفت بين في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم نصاً وأن أحكامه لا تختلف وأنها إذا احتملت أن يمضي كل شيء منها على وجهه أمضى ولم تجعل مختلفة وهكذا هذه الأحاديث فإن قال قائل: فتجد في كتاب الله تعالى ما يشبه هذا؟ قيل: نعم، قال الله عز وجل: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم" وقال في الذين يرمون بالزنا: "لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء" فكان حكم الله أن لا يثبت الحد على الزاني إلا بأربعة شهداء، وقال الله تعالى في الوصية: "اثنان ذو عدل منكم" فكان حكمه أن تقبل الوصية باثنين وكذلك يقبل في الحدود وجميع الحقوق اثنان في غير الزنا وقال في الدين: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان " فكان حكمه في الدين يقبل بشاهدين أو شاهد وامرأتين ولا يقال لشيء من هذا مختلف على أن بعضه ناسخ لبعض ولكن يقال مختلف على أن كل واحد منه غير صاحبه، قال: وإنما قلت: لا يقسم المدعون الدم إلا بدلالة استدلالاً بما وصفت من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك أن الأنصار كانت من أعدى

<<  <   >  >>