معاً استعملا معاً ولم يعطل واحد منهما الأخر كما وصفت في أمر الله، بقتال المشركين حتى يؤمنوا وما أمر به من قتال أهل الكتاب من المشركين حتى يعطوا الجزية وفي الحديث ناسخ ومنسوخ كما وصفت في القبلة المنسوخة باستقبال المسجد الحرام، فإذا لم يحتمل الحديثان إلا الاختلاف كما اختلفت القبلة نحو بيت المقدس والبيت الحرام، كان أحدهما ناسخاً والآخر منسوخاً.
ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر عن رسول الله، أو بقول أو بوقت يدل على أن أحدهما بعد الأخر فيعلم أن الآخر هو الناسخ أو بقول من سمع الحديث أو العامة كما وصفت أو بوجه آخر لا يبين فيه الناسخ والمنسوخ وقد كتبته في كتابي وما ينسب إلى الإختلاف من الأحاديث ناسخ ومنسوخ، فيصار إلى الناسخ دون المنسوخ ومنها ما يكون اختلافاً في الفعل من جهة أن الأمرين مباحان كاختلاف القيام والقعود وكلاهما مباح ومنها ما يختلف ومنها ما لا يخلو من أن يكون أحد الحديثين أشبه بمعنى كتاب الله، أو أشبه بمعنى سنن النبي، صلى الله عليه وسلم مما سوى الحديثين المختلف أو أشبه بالقياس فأي الأحاديث المختلفة كان هذا هو أولاهما عندنا أن يصار إليه ومنها ما عده بعض من ينظر في العلم مختلفاً بأن الفعل فيه اختلف أولم يختلف الفعل فيه إلا باختلاف حكمه أو اختلف الفعل فيه بأنه مباح فيشبه أن يعمل به بأنه القائل به ومنها ما جاء جملة وآخر مفسراً وإذا جعلت الجملة على أنها عامة عليه رويت بخلاف المفسر وليس هذا اختلافاً إنما هذا مما وصفت من سعة لسان العرب وأنها تنطق بالشيء منه عاماً تريد به الخاص وهذان يستعملان معاً وقد أوضحت من كل صنف من هذا ما يدل على ما في مثل معناه إن شاء الله وجماع هذا أن لا يقبل إلا حديث ثابت كما لا يقبل من الشهود إلا من عرف عدله، فإذا كان الحديث مجهولاً أو مرغوباً عمن حمله كان كما لم يأت لأنه ليس بثابت.