وذلك من حتى يصلي الصبح إلى أن تبرز الشمس وحين يصلي العصر إلى أن يتتام مغيبها ونصف النهار إلى أن تزول الشمس.
قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أبا أيوب الأنصاري سمع النبي ينهى أن تستقبل القبلة أو بيت المقدس بحاجة الإنسان قال أبو أيوب فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد صنعت فننحرف ونستغفر الله وعجبه ابن عمر ممن يقول لا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس بحاجة الإنسان- وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلاً بيت المقدس لحاجته.
قال الشافعي رحمه الله: علم أبو أيوب الهي فرآه مطلقاً وعلم ابن عمر استقبال النبي صلى الله عليه وسلم بحاجته ولم يعلم النهي فرد النهي ومن علمهما معاً قال: النهي عن استقبال القبلة وبيت المقدس في الصحراء التي لا ضرورة على ذاهب فيها ولا ستر فيها الذاهب لأن الصحراء ساحة يستقبله المصلي أو يستد بره فترى عورته إن كان مقبلًا أو مدبراً وقال: لابأس بذلك في البيوت لضيقها وحاجة الناس إلى المرفق فيها وسترها وإن أحداً لا يرى من كان فيها إلا أن يدخل أو ليشرف عليه.
قال الشافعي: وفي هذا المعنى أن أسيد بن حضير وجابر بن عبد الله صليا مريضين قاعدين بقوم أصحاء فأمراهم بالقعود معهما وذلك أنهما والله أعلم علما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى جالساً وصلى وراءه قوم قياماً فأمرهم بالجلوس فأخذا به وكان حقاً عليهما ولا شك أن قد عزب عليهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه جالساً وأبو بكر إلى جانبه قائماً والناس من ورائه قياماً فنسخ هذا أمر النبي بالجلوس وراءه إذ صلى شاكياً جالساً وواجب على كل من علم الأمرين معاً أن يصير إلى أمر النبي الآخر إذ كان ناسخاً للأول أو إلى أمر النبي الدال بعضه على بعض.
قال الشافعي: وفي مثل هذا المعنى أن علي بن أبي طالب خطب الناس وعثمان بن عفان محصور فأخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث وكان يقول به لأنه سمعه من النبي وعبد الله بن وافد قد رواه عن