للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحر والعبد ولم يفضل بين أحد بسابقة لا نسب ثم قسم عمر فألغى العبيد وفضل بالنسب والسابقة ثم قسم علي فألغى العبيد وسوى بين الناس وهذا أعظم ما يلي الخلفاء وأعمه وأولاه أن لا يختلفوا فيه وإنما لله جل وعزفي المال ثلاثة أقسام، قسم الفيء وقسم الغنيمة، وقسم الصدقة فاختلف الأئمة فيها ولم يمتنع أحد من أخذ ما أعطاه أبو بكر ولا عمر ولا علي وفي هذا دلالة على أنهم يسلمون لحاكمهم وإن كان رأيهم خلاف رأيه وإن كان حاكمهم قد يحكم بخلاف آرائهم لا أن جميع أحكامهم من جهة الإجماع منهم وفيه ما يرد على من ادعى أن حكم حاكمهم إذا كان بين أظهرهم ولم يردوه عليه فلا يكون إلا وقد رأوا رأيه من قبل أنهم لو رأوا رأيه فيه لم يخالفوه بعده، فإن قال قائل: قد رأوه في حياته ثم رأوا خلافه بعده،

قيل له: فيدخل عليك في هذا إن كان كما قلت أن إجماعهم لا يكون حجة عندهم إذا كان لهم أن يجمعوا على قسم أبي بكر ثم يجمعوا على قسم عمر ثم يجمعوا على قسم علي وكل واحد منهم يخالف صاحبه، فإجماعهم إذا ليس بحجة عندهم أولاً ولا آخراً وكذلك لا يجوز إذا لم يكن عندهم حجة أن يكون على من بعدهم حجة فإن قال قائل: فكيف تقول قلت: لا يقال لشيء من هذا إجماع ولكن ينسب كل شيء منه إلى فاعله فينسب إلى أبي بكر فعله وإلى عمر فعله وإلى علي فعله ولا يقال لغيرهم ممن أخذ منهم موافق لهم ولا مخالف ولا ينسب إلى ساكت قول قائل ولا عمل عامل وإنما ينسب إلى قوله وعمله وفي هذا ما يدل على أن ادعاء الإجماع في كثير من خاص الأحكام ليس كما يقول من يدعيه فإن قال قائل: أفتجد مثل هذا؟ قلنا إنما بدأنا به لأنه أشهر ما صنع الأئمة وأولى أن لا يختلفوا فيه وأن لا يجهله العامة ونحن نجد كثيراً من ذلك أن أبا بكر رأى على بعض أهل الردة فداء وسبياً وحبسهم بذلك فأطلقهم عمر وقال: لا سبي ولا فداء مع غير هذا مما سكتنا عنه ونكتفي بهذا منه.

<<  <   >  >>