الجزية من أهل الكتاب وممن دان دين أهل الأوثان ما كان إلا أنها لا تؤخذ من العرب خاصة إذا دانوا دين أهل الأوثان فأما العجم فتؤخذ منهم وإن دانوا دين أهل الأوثان قال فقلت لبعض من يقول هذا القول: ومن أين قلت هذا قال: ذهبت إلى أن الذين أمر بقتالهم حتى يسلموا العرب قلت: فرأيت العرب إذا دانوا دين أهل الكتاب، أتأخذ منهم الجزية؟ قال: نعم، قلت: ويدخلون في معنى الآية التي نزلت في أهل الكتاب؟ قال: نعم، قلت: فقد تركت أصل قولك وزعمت أن الجزية على الدين لا على النسب قال: فلا أقدر أن أقول الجزية وترك الجزية وأن يقاتلوا حتى يسلموا على النسب، وقد أخذ النبي الجزية من بعض العرب، فقلت له: فلم ذهبت أولاً إلى الفرق بين العرب والعجم ولست تجد ذلك في كتاب ولا سنة، قال: فإن من أصحابك من قال: تؤخذ الجزية من كل من دعا إليها وثني أو غيره أو أعجمي أو عربي، فقلت له: أحمد قول من قال هذا؟ قال: لا، وذلك أن أكثر من قاتل رسول الله العرب فلم يأخذ الجزية إلا من عربي دان دين أهل الكتاب وسأقوم لمن خالفنا وإياك من أصحابك بقوله: فأقول أن النبي أخذ الجزية من المجوس ورأيت المسلمين لم يختلفوا في أن تؤخذ منهم الجزية ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم، وروي هذا عن النبي وأهل الكتاب: تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم وفي هذا دليل على أن المجوس ليسوا بأهل كتاب.
قال الشافعي: فقلت له: قلت: إن المجوس ليسوا بأهل كتاب مشهور عند العامة باق في أيديهم فهل من حجة في أن ليسوا بأهل كتاب كالعرب قال: لا إلا ما وصف من أن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم، قلت: فكيف أنكرت أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن قول الله: "حتى يعطوا الجزية" من دان دين أهل الكتاب قبل نزول الفرقان وأن يكون إحلال نساء أهل الكتاب إحلال نساء بني إسرائيل دون أهل الكتب سواهم فيكونون مستوين في الجزية مختلفين من النساء والذبائح كما أمر الله بقتال المشركين حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله وأمر بقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فسوى