للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يزل القاضي أبو محمد بن عمر أبو القاضي أبي حفص يتلطف في أمره حتى سرح، وأزال ما حدث بسبب ذلك من الوحشة بينه وبين شيخه أبي بكر بن طاهر، وعاد إلى خدمته والقراءة عليه كما كان.

وكان أبو الحسن - رحمه الله - صرورة لم يتزوج قط إلى أن توفي، وكان يقول: والله ما حللت مئزري قط على حلال ولا حرام، وكان مشهوراً بالصدق وطهارة الثوب والصيانة والعفاف، متجولاً عمره على البلدان، يدير بضاعة له كانت في تجارة أكثرها في إقامة أواني الخشب المخروطة، وأكثر ما كان يتردد بين رندة وإشبيلية وسبتة وفاس ومراكش فمتى حل ببلد شرع في إقامة ما يقيم من ذلك أن كان بلد إقامة، أو بيعه أن كان بلد بيع ما أقامه بغيره، وانتصب لتدريس ما كان لديه من المعارف ريثما يتم غرضه في البيع والإقامة، ويستوفي الجعل على الإقراء من الطلبة، [٩٧ و] ولا يسامح أحداً في القراءة عليه إلا بجعل يرتبه عليه، ثم يرحل، هكذا كان ادبه. وكان وقور المجلس مهيباً. ورفع إلى الناصر من بني عبد المؤمن نسخة من " شرح كتاب سيبويه " بخطه في أربع مجلدات، فأثابه عليه باربعة آلاف درهم من دراهمهم، وقد رأيت هذه النسخة وأخرى بخطه أيضاً. وذكر لي بعض الرحالين انه رأى بمدرسة الفاضل البياني من القاهرة نسخة بخط المصنف في مجلد واحد وقد انتسخ كثيراً لنفسه ولرؤساء عصره.

وقال شيخنا أبو الحسن الرعيني (١) : كان جامداً على ما لقن (٢) عن ابن


(١) برنامج الرعيني: ٨١.
(٢) في ح: لقي، وفي الحاشية: لعله تلقى أو لقن.

<<  <  ج: ص:  >  >>