للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في معرض العتب لهم وقال: لقد فرطتم في حق شيخنا ومعلمنا ومعلم إخواننا وأخواتنا أبي الحسن الفهمي، فقالوا: وما ذلك وأينا يجهل مكانته أو لا يعرف قدره ويوفي حقه؟ فقال لهم: أراد شراء ملك يحسن له ما يريد بناءه، فلم تسعوا له في تملكه، فقالوا: إن مالكه أشتط في ثمنه كثيراً؛ فقال: يشترى له بما عز من الثمن وهان ويرضى صاحبه وتقضى حاجة الفهمي؛ فقالوا: إنه لا ينقا (١) إلى شرائه بالثمن الذي عينه مالكه، فقال: يا للعجب أتحوجونه إلى دفع ثمنه من تلقاء نفسه وصلب ماله، هلا دفعتم ثمنه من أموالكم وتقربتم بذلك إلى مرضاة أبي الحسن وتقمن مسرته فذلك الذي يسرنا ويرضينا؟ فانفصلوا عن المجلس وابتاعوا ذلك المال من ربه بما أرضاه وحازه أبو الحسن وحسن به ما كان قد قصد إلى تحسينه من ذلك البناء. وإنما أراد الناصر بهذا كله تبيين مكانته عنده والإشادة بتمكن حظوته لديه وإلا فقد كان يكله إلى شرائه لنفسه أو يأمر له يثمنه من ماله؛ وتحصل له بالهبة من بني المنصور وحاشيته ووزرائه وعماله من الأموال والكتب النفيسة والذخائر ما لا يحصى كثرة، فإنه كان شديد الكدية كثير أعمال الحيل في ذلك، مصانعاً لتمكنه من جانب أولي الأمر واختصاصه بهم. وكان من عادته أنه متى بلغه أن أحداً صارت إليه فائدة من جانب السلطان أو ولي ولاية أو أستعمل في خطه قصد إليه أو بعث رسولاً نحوه يلتمس منه سهامه في عمالته أو منافعها فلا يسعه إلا إسعافه بذلك.

وحكى الشيخ أبو الحسن بن قطرال (٢) قال: كانت كبرى ديار أبي الحسن


(١) كذا في الأصول، ولعلها: " ينقاد ".
(٢) م: قرطال.

<<  <  ج: ص:  >  >>